قسۏة أب
أخبر حسام والده برغبته في الانضمام إلى فريق القرية، لكن الأب ڠضب، قائلاً: "هذا ليس إلا لعب أطفال، لا مستقبل له. عليك أن تركز على دراستك، وإلا فلن تصبح رجلاً حقيقيًا!" شعر حسام بالحزن الشديد، لكنه كتم حزنه وأطاع والده، ليكبر وهو يشعر بخيبة أمل عميقة.
مرت السنوات، وكبر الأبناء يحملون جراحًا نفسية عميقة. كريم، الذي أصبح شابًا، قرر مغادرة القرية والذهاب للعمل في المدينة بعيدًا عن والده. سارة تزوجت وانتقلت إلى قرية أخرى، بينما بقي حسام يعاني من الذكريات الأليمة في بيت والده. كان الأب يشعر بالرضا عن نفسه، معتقدًا أنه أحسن تربيتهم بقسۏة، حتى يحميهم من الحياة الصعبة.
وذات يوم، تعرض الأب لوعكة صحية شديدة، وأصبح غير قادر على الحركة. احتاج لمن يعتني به، لكن أبناؤه الثلاثة كانوا بعيدين عنه، إما جسديًا أو نفسيًا. جاء يوم من الأيام، وقررت سارة زيارته، فقد شعرت بواجبها تجاهه، لكنها عندما دخلت بيته، وجدت والدها يجلس وحيدًا، وتبدو على وجهه علامات الندم.
جلس الأب مع سارة، وبعد لحظات من الصمت، قال لها بصوت خاڤت: "أدرك الآن أنني كنت قاسيًا عليكم جميعًا، ولكن كنت أظن أنني أفعل الصواب." ثم نظر إلى سارة بعينين دامعتين وقال: "يا ابنتي، أرجوكِ، سامحيني، وأبلغي إخوانك أنني آسف."
صُدمت سارة، فلم تكن تتوقع أن ترى والدها في هذه الحال. شعرت ببعض التعاطف نحوه، لكنها أيضًا لم تستطع أن تنسى كل ما عانته هي وإخوتها بسببه. ورغم أن الأبناء قرروا أن يسامحوه ويهتموا به في أيامه الأخيرة، إلا أن الچروح التي تركتها قسوته في قلوبهم بقيت عميقة، تذكرهم دائمًا بما فقدوه من أحلام وأمنيات.
وهكذا انتهت حياة الأب، وقد أدرك متأخرًا أن الحب والحنان كانا الطريق الأمثل لقلوب أبنائه، وأن قسوته لم تجلب سوى الوحدة والألم له ولعائلته.